الثلاثاء، 15 أبريل 2008

صور لتصميم قفطان مغربي




























الشــــــــــــــــــــــــرق الأوســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــط"
: إن "تصميم القفطان المغربي يتطلب معرفة عميقة بتاريخه، كما أن تطويره يتوجب أن يبقى حكراً على "الحرايفية"، أي من امتهنوا حرفته وضبطوا أصولها جيداً، حتى يكونوا قادرين على فهم واستيعاب مساحات التطوير التي يمكن التعامل من خلالها مع هذا الزي". ولا شك ان إعجاب المصممين العالميين بخصوصية القفطان المغربي، وتأثيره فيهم عبر السنوات، حمله من البيوت والمناسبات المغربية الخاصة والحميمية، إلى العالمية على يد كبار، من أمثال بالمان وإيف سان لوران وجون بول غوتييه وغيرهم، الأمر الذي جذب انتباه نساء من ثقافات وجغرافيات وجنسيات متعددة، وخوَّل له عروضاً تقام على شرفه بانتظام في عدد من المدن المغربية والعربية والغربية.
وفي المغرب، صارت عروض الأزياء التقليدية موعداً، أشبه بسوق عكاظ متعدد في مواعيده على امتداد السنة، يتم انتظارها، وتلقى نجاحاً كبيراً، يتألق خلالها مصممون مجددون شباب يضعون لإبداعاتهم عناوين مختلفة، تنقل مضمون هذه التصميمات وشكلها، في مرافقة تامة لعالمية اكتسبها زي تقليدي بالأساس، خصوصاً أنهم صاروا يتنافسون على تقديم آخر خطوط الموضة والخياطة التقليدية الراقية، ويدفعون في اتجاه ألا يبقى هذا الزي محصوراً في بيئته المغربية، بل أن ينطلق بعيداً وفي كل اتجاه. ولأن التطوير يأتي في الغالب مُلبياً لإغراء أو غيرة على ما يراد تطويره، فإن الذكاء التسويقي استدعى أن تتجه عيون المصممين إلى إرضاء كل الأذواق، غربية كانت أم عربية، ولذلك لم تعد هناك من شروط مسبقة للإبداع، أو خط موحد يميز الأزياء المعروضة، في تُرك البابُ مفتوحاً على مصراعيه لمزج الخيال بالابتكار والاقتباس.
لكن، وبالموازاة مع الإقبال الذي صار يحظى به القفطان المغربي، كثرت الأسئلة بصدد طرق تطويره وجعله يُراعي، وطنياً، يوميات المرأة المغربية على صعيد قيادة السيارة والذهاب إلى العمل أو حتى للتسوق، وعالمياً بتلبية توقعات نساء العالم الراغبات في قفطان يُقرب أو يجمع في زي واحد بين ثقافات متباينة، تنفتح معها الحدود بين الأصالة والمعاصرة إلى حد الذوبان. والتقط المصممون، مغاربة وأجانب، ممن صارت أعدادهم تتزايد ومهاراتهم تتطور، الإشارة وذهبوا بعيداً في تطوير القفطان المغربي تماشياً مع انتظارات سيدات ونجمات العالمين العربي والغربي، وحاضر المرأة المغربية، التي لم تعد تقنع بعرس تدعى إليه وحفل يكون عليها أن تجلس خلاله مركونة كما لو أنها لوحة تنتظر من يقتنيها أو يستمتع بألوانها، بل صارت ترغب في أن يكون حضوره في حياتها وخزانتها موزعاً بين كل الأوقات والأماكن، ولذلك فقد كان طبيعياً أن تأتي أجوبة المصممين "سريعة"، أو "متسرعة"، في بعض الأحيان. ويتفق المهتمون على أن القفطان استطاع أن يحقق العالمية، مخترقاً دور عرض الأزياء ومؤكداً حضوره في أرقى المهرجانات واللقاءات العالمية، الشيء الذي جعله ينتقل، كرمز للزي التقليدي المغربي، من موروث شعبي وتاريخي إلى عنوان يحمل اسم المغرب ويتجول به عبر العالم تعريفاً ووزناً حضارياً.
وهكذا، ومع اتساع شهرته، أصبح "سلعة" مطلوبة في كل الدول، ودخل خزائن سيدات وجميلات الشرق والغرب، خصوصاً أن من أهم ما يميزه، إضافة إلى بهائه وسحره التاريخي، أنه يبدو مثل إبداع يرتفع بالصنعة إلى مستوى الفن. ويبدو أن السر في وصول القفطان المغربي إلى العالمية هو أن نجمات عالميات شهيرات عشقنه فاخترنه لباساً رسمياً في السهرات والمناسبات الكبرى. فالممثلة الأميركية سوزان ساراندون، مثلاً، ظهرت خلال الدورة الأخيرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، في قفطان ذهبي، ومن بين كل القفاطين التي استمتع بها جمهور المهرجان، بدا القفطان الذي لبسته ساراندون الأبهى والأجمل: ممثلةٌ ذهبيةٌ تختال في قفطان ذهبي، فيما تتمشى عبر بساط ذهبي لتنال كأس تكريم ذهبي اللون والقيمة. أما عربياً، فقد أثارت، أخيراً، صور هيفاء وهبي وهي تختال في قفطان مغربي، فضولاً كبيراً. وكانت الفنانة اللبنانية قد صرحت وقتها أنها شعرت وهي تلتقط بالقفطان صوراً تذكارية بنخوة المرأة المغربية. لكن، بالقدر الذي توسعت آفاق القفطان المغربي، زادت المخاوف من احتمال فقدان هذا الزي لأصالته، خصوصاً أن بعض المصممين جعلوه يتحدى التقاليد ويكشف المفاتن، من خلال تصاميم تكشف عن توجه تجديدي يبدو بنظر البعض متطرفاً، من جهة أنه صار يُصمم، في بعض الأحيان، لكي يكشف مفاتن المرأة أكثر من إضفاء المزيد من الغموض الأنثوي عليها عبر سترها. وربما لأجل هذا ترى بنزكري أن "تطوير القفطان يبقى شيئاً رائعاً، لكن، هذا التطوير يتوجب أن يبقى في الحدود التي تحافظ له على أصالته، بحيث ننفتح على الحداثة والمعاصرة بالانطلاق من خصوصيات هذا الزي والمضمون الحضاري الذي يمثله ويعبر عنه".
وهكذا، وبعد أن كانت عصرنة القفطان تتم، برأي البعض، بخجل وتردد، بدا لافتاً أن الجرأة في التصاميم بلغت، في السنوات الأخيرة، درجات متقدمة جداً، حركت المخاوف من أن يتحول القفطان التقليدي، المعروف بطابعه الجمالي والأنثوي وطوله، الذي يستر جسم المرأة، إلى "شيء آخر" يتوزع إلى قطعتين أو ثلاث من القماش الذي يكون شكله "أقرب إلى ملابس السباحة" منه إلى فخامة زي يُؤرخ له بموسيقى زرياب.
ولأن المغرب عرفَ اخيرا تزايد المجلات النسائية والمتخصصة، فقد صارتْ أعداد هذه المجلات وفية لعادتها في تخصيص حيز كبير من صفحاتها لتقديم أعمال المصممين المغاربة، مع تخصيص صفحة كاملة تتضمن هواتف وعناوين أشهرهم. ونظراً للفورة التي صارت يعرفها "سوق" و"صناعة" القفطان المغربي، فقد دأبت هذه المجلات على تخصيص حوارات ولقاءات مع مصممين عالميين تستعرض وجهات نظرهم بصدد حاضر ومستقبل هذا الزي.
وفي تصريحات صحافية، قال السعودي يحيى البشري، وهو مصمم عالمي، إنه يُسمي من يشتغل على القفطان المغربي مطوراً وليس مصمماً. وهو رأي لم تتفق معه نجية عبادي، رئيسة الفيدرالية المغربية للخياطة التقليدية، التي رأت أن من يقول بهذا الرأي "لا يعرف تاريخ القفطان ولا التطورات التي عرفها، لأن أي متتبع لمسار القفطان المغربي سيدرك أن هناك تصميماً وخلقاً وإبداعاً وليس تطويراً، فحسب". وأضافت عبادي أن "الإقبال الذي يعرفه القفطان المغربي على الصعيد الدولي دليل مادي وملموس على أن القفطان المغربي دخل خانة الخياطة الرفيعة".
واليوم، بعد أن صار الطلب يفوق العرض، وبعد أن صارت الطلبيات، التي تأتي من ألمانيا وإسبانيا وسائر دول المشرق والخليج العربي، بلا حصر، فإن معظم المصممين، تقول عبادي، مقتنعون بأن "الموضة هي الوسيلة الأمثل لتصدير صورة المغرب". وتماشياً مع نفس المضمون الذي عبرت عنه عبادي، تقول بنزكري: "إن الإقبال العالمي على القفطان والأزياء التقليدية المغربية يجعلنا نشعر، كمغاربة، بالافتخار والتباهي بهذا الزي الذي يُمثل جزءا من ذاكرتنا وثقافتنا، ولأن بهاء هذا الزي يستمده، في الأصل، من عراقته ومضمونه الحضاري فإن تطويره لا يتوجب أن يجعل المصممين يُضحون بالأصالة، التي تلخص أسراره، فقط لكي يلبوا دعوة للتطوير يقترحها عليهم إعصار المعاصرة".

كرين

ليست هناك تعليقات: